الرد على من قال: إن الله في كل مكان
قال أبو عمر رحمه الله: "فإن احتجوا بقول الله عز وجل: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ))[الزخرف:84] -وهذا مما يحتجون به فعلاً- وبقوله: ((وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ))[الأنعام:3]، وبقوله: ((مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ))[المجادلة:7] وزعموا أن الله تبارك وتعالى في كل مكان بنفسه وذاته تبارك وتعالى، قيل لهم: لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة أنه ليس في الأرض دون السماء بذاته" يعني: أن هذا لا يقول به أحد من المسلمين! قال: "فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجتمع عليه"، فـأهل السنة من السلف يقولون: إن الله تبارك وتعالى في السماء، والجهمية يقولون: هو في كل مكان أو هو في الأرض وفي السماء كما في الآية: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ))[الزخرف:84] بزعمهم، فنقول لهم: نأخذ القدر المتفق عليه، وندع القدر المختلف فيه، فنحن نقول: إنه في السماء، وأنتم تقولون: في الأرض وفي السماء، فهل تقولون: هو في الأرض فقط؟ وهذا لا يقولون به، فقال: إذاً اتفقنا نحن وأنتم أنه في السماء، فنحمل الآية على المعنى الصحيح ونترك المعنى المختلف فيه.
قال: "وذلك أنه في السماء إله معبود من أهل السماء، وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض، وكذلك قال أهل العلم بالتفسير" فهو سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش لكن عبوديته واجبة على من في السماء وعلى من في الأرض، أما في السماء فهو معبود قطعاً، لكن الإشكال أن في الأرض من يعبد غيره وهو يقول: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ))[الزخرف:84].
ثم قال: "فظاهر التنزيل يشهد أنه على العرش، والاختلاف في ذلك بيننا فقط، وأسعد الناس به من ساعده الظاهر، وأما قوله في الآية الأخرى: ((وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ))[الزخرف:84] فالإجماع والاتفاق قد بين المراد بأنه معبود من أهل الأرض، فتدبر هذا؛ فإنه قاطع إن شاء الله".